بحث هذه المدونة الإلكترونية

شريط جديد المدونة

الجمعة، 18 يونيو 2010

خرسانة “ذكية” وقوية لمواجهة الكوارث الطبيعي


شهد العقد الماضي كوارث طبيعية ذات قوة تدمير فائقة، اجتاحت مناطق وأقاليم متعددة. فقد شهدت اليابان وتركيا وإيران وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا زلازل هائلة التدمير كان ضحيتها مئات الآلاف من قتلى وجرحى وملايين المشردين ودمار منازل ومنشآت، وطالت مساحة الدمار مدناً وقرى ومرافق حيوية.


وفي ديسمبر/كانون الول 2004، شهد العالم زلزالاً بحرياً هائلاً وواسع النطاق أدى إلى طوفان تسونامي الذي غطى عدة دول بجنوب وجنوب شرق آسيا ورقعة جغرافية شاسعة من المحيطين الهندي والهادي، وبلغ ضحاياه من القتلى مئات الآلاف وشرد ملايين البشر وأغرق عشرات المدن والقرى والمنتجعات والمرافق.

ثم جاء إعصار كاترينا في أغسطس/آب 2005 فطال أكثر من ولاية بجنوب الولايات المتحدة وأغرق مدناً مثل نيوأورلينز (التي تقع على مستوى أقل من مستوى سطح البحر) بولاية لويزيانا، وانهارت تحت وطأة فيضاناته السدود وحواجز المياه والمنازل والمنشآت بمختلف أشكالها.
تقنيات قديمة وبدائية
أحد الظواهر المشتركة بين هذه الكوارث الطبيعية الهائلة، والتي أدت إلى مضاعفة دمارها، هو قدرتها على الإطاحة بمختلف المنشآت أو ربما ضعف هذه المنشآت أمام قوة تدمير هذه الكوارث الطبيعية.
وفي الولايات المتحدة، أبرز انهيار سدود وحواجز المياه في ولاية لويزيانا أمام إعصار كاترينا الحاجة الماسة إلى تقنيات جديدة لتقوية هذه السدود والحواجز ومراقبة متانتها، وفقا للدكتورة ديبورا تشَنْغ، أستاذة هندسة المواد ومديرة مختبر أبحاث المواد المركبة في جامعة بافالو بولاية نيويورك، ومبتكرة الباطون أو الخرسانة “الذكية”.
لاحظت الدكتورة تشنغ أن التقنية التي استخدمت في بناء السدود والحواجز المائية كانت بدائية جدا، ولم يزد بعضها عن أكوام أو سواتر ترابية. ولا شك أن هناك مجال واسع لاستخدام تقنيات أكثر تطورا من تلك.
ففي عام 1998، تم تسجيل براءة اختراع لـ”الخرسانة الذكية”، وقد جاء الوقت الآن لاستخدامها تجاريا، ليس فقط في بناء السدود والحواجز وإنما في نطاق من التطبيقات ذات الصلة بالكوارث والأمن الداخلي.


اكتشاف الإجهادات والتشوهات
في الخرسانة الذكية، يتم إضافة ألياف قصيرة من الكربون إلى خلطة الخرسانة التقليدية (أسمنت، رمل، حصى، ماء). تؤدي هذه الإضافة إلى تمكين الخرسانة من اكتشاف الإجهادات والتشوهات الصغيرة في الخرسانة. وفي حالة وجود عيوب إنشائية داخل سد أو حاجز مصنوع من الخرسانة الذكية مثلاً، تزداد المقاومة الكهربائية للخرسانة.


هذا التغير يمكن رصده بواسطة مجسات كهربائية خارج هذه المنشآت. ويمكن استخدام مقياس للمراقبة المستمرة للإجهاد والتشوه الذي قد ينشأ ضمن السدود والحواجز المصنوعة من الخرسانة الذكية. وعندما تتجاوز التشوهات في السدود والحواجز المستوى المقبول، ينطلق عندئذ جرس إنذار.


من ناحية أخرى، يمكن استخدام الخصائص الكهربائية للخرسانة الذكية لاستكشاف إجهادات تحت الأرض والتي تنشأ قبل الزلزال، ومراقبة المباني التي يخشى دخول المتطفلين إليها أثناء عمليات الإخلاء، ومتابعة سير حركة المرور في حالة الطوارئ وحول حدود البلاد.


تقترح الدكتورة تشنغ تغليف السد أو الحاجز بغلاف من ألياف الكربون المتصلة (المركبة) وهي تماثل المواد المستخدمة في صنع هياكل الطائرات النفاثة. ويتيح استخدام هذا الغلاف كقشرة خارجية الاستفادة من قدرة التوصيل الكهربائي لألياف الكربون لمراقبة أي تكسر في الألياف. وبذلك، تستشعر هذه القشرة أي عطب في السد أو الحاجز إضافة إلى دورها في تقويته.
يؤدي استخدام الخرسانة الذكية إلى ارتفاع في تكاليف الإنشاء بنسبة 30 بالمئة، مما يسبب انصراف صناعة الإنشاء عن الاستفادة من مزاياها. بيد أن تكاليف إعادة البناء بعد الإعصار ستتجاوز هذه الارتفاع بكثير.


اليابان تطور خرسانة مرنة تزداد قوة مع التصدع (30. 12. 07)  
طوّرت شركة يابانية خرسانة تقاوم التصدع وتحتوي على ألياف كيميائية بسمك شعر الإنسان يشيع استخدامها في تصنيع إطارات السيارات.

ومن شأن هذه الألياف زيادة تماسك الخرسانة والحيلولة دون اتساع مدى الصدوع، وذلك بهدف الحماية من الزلازل.
 وهذه الخرسانة طوّرتها شركة كاجيما كورب للإنشاءات التي أوضحت أن الألياف تعزز تماسك الخرسانة وتجعلها تتحمل ضغطا أكبر بعد تصدعها وهو الأمر الذي يجعل الأبنية أشد قوة إذا ما هزها أحد الزلازل المتكررة باليابان.


وقال تتسوسهي كاندا أحد كبار المهندسين بالشركة إن هذه الخرسانة تتمدد مائة مرة أكثر من الخرسانة العادية.


وتعرضت اليابان التي تفخر بتطبيقها لمعايير هندسية مقاومة للزلازل لصدمة شديدة حين انهارت طرق سريعة خرسانية مرفوعة على أعمدة وبنايات بمدينة كوبي عام 1995 جراء زلزال بلغت شدته 7.3 درجات، مما أودى بحياة أكثر من 6400 شخص.


وحتى الآن جرى بناء برجين جديدين باليابان بهذه الخرسانة علاوة على تدعيم 100 مبنى وبنى تحتية أخرى.


وأوضح كاندا أن المنتج الذي استغرق تطويره عشرة أعوام قدم لأول مرة عام 2003، ولكنه استحوذ على 0.1% فقط من سوق الخرسانة اليابانية، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى أن تكلفته تزيد عشر مرات على سعر الخرسانة العادية.

د.مازن النجار

0 التعليقات:

إرسال تعليق

* اثبت وجودك ...... شاركنا التعليق ........ تنموا المعلومة وينتفع الجميع .
* ارجوا من السادة المشاركين عدم وضع رد به روابط اعلانية خارجية .
* انتبه الى الفاظك واعلم ان عليك رقيب .

تحياتى م. على حسين الفار

اخر الكتب المضافة

افضل المواضيع